فصل: فَصْلٌ: الزَّوْجَةُ تخالع زوجها فِي مَرَضِ مَوْتِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: الطَّلَاقٌ بِعِوَضٍ:

وَطَلَاقٌ مُعَلَّق بِعِوَضٍ (أَوْ مُنَجَّزٍ بِعِوَضٍ كَخُلْعٍ فِي الْإِبَانَةِ) لِأَنَّ الْقَصْدَ إزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْهَا وَلَوْ جَازَتْ رَجْعَتُهَا لَعَادَ الضَّرَرُ (فَإِذَا قَالَ) إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ إذَا) أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالشَّرْطُ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ لَا يَصِحُّ إبْطَالُهُ) كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَوَافَقَ عَلَى شَرْطٍ مَحْضٍ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ (وَكَانَ) ذَلِكَ التَّعْلِيقُ (عَلَى التَّرَاخِي) لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ فَلَوْ نَوَيَا صِنْفًا مِنْهُمَا حَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَطْلَقَا فَعَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَا يَقَعْ عَلَيْهِ الِاسْمُ (أَيْ وَقْتَ أَعْطَتْهُ عَلَى صِفَةٍ يُمْكِنُهُ الْقَبْضُ أَلْفًا فَأَكْثَرَ وَازِنَةً وَإِلَّا فَمَا شَرَطَ) فِي الْخُلْعِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي شَرْطِهَا وَزْنِيَّةً (فَقَوْلُهَا كَمَا يَأْتِي) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ (بِإِحْضَارِ الْأَلْفِ وَلَوْ كَانَتْ) الْأَلْفُ (نَاقِصَةً فِي الْعَدَدِ) اكْتِفَاءً بِتَمَامِ الْوَزْنِ (وَإِذْنُهَا فِي قَبْضِهِ) بَيَانٌ لِلْإِعْطَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ (طَلُقَتْ بَائِنًا) جَوَابٌ أَيْ (وَمَلَكَهُ) أَيْ الْأَلْفَ الزَّوْجُ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَسَبَقَ مَا فِيهِ وَ(لَا تَطْلُقْ إنْ أَعْطَتْهُ دُونَ ذَلِكَ) أَيْ دُونَ الْأَلْفِ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْطَتْهُ مَغْشُوشَةً يَنْقُصُ مَا فِيهَا عَنْ الْأَلْف (وَ) أَعْطَتْهُ (سَبِيكَةً تَبْلُغُ أَلْفًا لِأَنَّ السَّبِيكَةَ لَا يُسَمَّى دَرَاهِمَ) فَلَا يَقَعْ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ إنْ شِئْت لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ بِالْقَوْلِ) لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ فَلَا يَتَقَدَّمهُ (فَإِنْ شَاءَتْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا) لِلْعِوَضِ (وَيَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ) لِكَوْنِهَا فِي نَظِيرِ خُرُوجِ الْبُضْعِ عَنْ مُلْكِهِ.
(وَإِنْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أَوْ) اخْلَعْنِي (عَلَى أَلْفٍ، أَوْ) قَالَتْ (: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ) طَلِّقْنِي (عَلَى أَلْفٍ أَوْ قَالَتْ) طَلِّقْنِي أَوْ اخْلَعْنِي (وَلَكَ أَلْفٌ إنْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَلَعْتَنِي أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، فَفَعَلَ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنْ قَالَ خَلَعْتُكِ أَوْ طَلَّقْتُكِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ بَانَتْ) لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْمُقَابَلَةِ وَعَلَى فِي مَعْنَاهَا وَقَوْلُهُ طَلَّقْتُكِ أَوْ خَلَعْتُكِ جَوَابٌ لِمَا اسْتَدْعَتْهُ مِنْهُ وَالسُّؤَالُ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَتْ: بِعْنِي عَبْدَكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُكِ إيَّاهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ (وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَعَلَتْ الْأَلْفَ فِي مُقَابَلَتِهِ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَنْ تَرْجِعَ) عَنْ جَعْلِ الْأَلْفِ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ (قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهَا) الزَّوْجُ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ لِأَنَّ قَوْلَهَا ذَلِكَ إنْشَاءٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ تَمَامِهِ بِالْجَوَابِ كَالْبَيْعِ وَكَذَا قَوْلُهَا إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ التَّعْلِيقِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِوُجُوبِ الْعِوَضِ لَا لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ قَالَتْ) لِزَوْجِهَا (طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا نَصًّا) لِأَنَّهُ اخْتَارَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَوْ أَجَابَهَا بِقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ بَائِنًا لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ.
(وَإِنْ قَالَتْ) طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ (مِنْ الْآن إلَى شَهْرٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ) أَيْ الشَّهْرَ (اسْتَحَقَّهُ) لِأَنَّهُ أَجَابَهَا إلَى سُؤَالِهَا لَا إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا.
(وَ) إنْ قَالَتْ (طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُكِ يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ صَحَّ) الطَّلَاق (وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ) لِأَنَّهُ أَجَابَهَا إلَى مَا اسْتَدْعَتْهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ كِنَايَاتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ (لَمْ يَصِحُّ الْخُلْعُ) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ (وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَا أَجَابَهَا إلَى مَا بَذَلَتْ الْعِوَضَ فِيهِ) أَيْ لِأَجَلِهِ.
(وَ) إنْ قَالَتْ لَهُ (اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُكِ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ) أَيْ الْأَلْفَ (لِأَنَّهُ أَوْقَعَ طَلَاقًا مَا طَلَبَتْهُ) فَلَمْ يُوجَدْ مَا بَذَلَتْ الْعِوَضَ فِيهِ (وَوَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) إنْ كَانَ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا وَكَانَ دُونَ ثَلَاثٍ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ.
(وَ) إنْ قَالَتْ (طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ) طَلِّقْنِي وَاحِدَةً (عَلَى أَلْفٍ أَوْ) طَلِّقْنِي وَاحِدَةً (وَلَك أَلْفٌ وَنَحْوَهُ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْأَلْفَ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهَا مَا طَلَبَتْهُ وَزِيَادَةٌ.
(وَ) إنْ قَالَتْ (طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ يَلْحَقْهَا مَا بَعْدَهَا) لِأَنَّ الْأُولَى فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَهُوَ الْأَلْفُ فَبَانَتْ بِهَا (وَإِنْ ذَكَرَ الْأَلْفَ عَقِيبَ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بِهَا وَ) وَقَعَتْ (الْأُولَى رَجْعِيَّةً وَلَغَتْ الثَّانِيَةَ) لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَإِنْ ذَكَرَهُ عَقِبَ الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا (وَقِيلَ تُطَلِّقُ ثَلَاثًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمَل كَالْوَاحِدَةِ.
(وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً) أَوْ اثْنَتَيْنِ (لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَوَقَعَتْ رَجْعِيَّةً) لِأَنَّهَا بَذَلَتْ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لَمْ يُجِبْهَا إلَيْهِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَفَعَلَ) أَيْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً (اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) لِأَنَّ هَذِهِ الْوَاحِدَةَ كَمَّلَتْ وَحَصَّلَتْ مَا يَحْصُل بِالثَّلَاثِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَتَحْرِيمِ الْعَقْدِ فَوَجَبَ الْعِوَضُ سِرًّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَإِنْ قَالَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ طَلَاقِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ الْأُولَى بِأَلْفٍ وَالثَّانِيَةُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَعَتْ الْأُولَى وَاسْتَحَقَّ الْأَلْف) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالثَّلَاثِ (وَإِنْ قَالَ) أَيْ وَالْحَالُ هَذِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ (الْأُولَى بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَعَتْ وَحْدَهَا) لِأَنَّ الثَّلَاث تَمَّتْ بِهَا (وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) مِنْ الْأَلْفِ (لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا عِوَضًا وَكَمُلَتْ الثَّلَاثُ) طَلْقَاتٍ (وَإِنْ قَالَ) وَالْحَالُ هَذِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ (إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ لَزِمَهَا الْأَلْفُ) وَكَمُلَتْ الثَّلَاثُ فَلَا تَحِلَّ لَهُ حَتَّى، تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
(وَ) إنْ قَالَتْ (طَلِّقْنِي عَشْرًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا إلَى مَا سَأَلَتْهُ وَبَذَلَتْ الْعِوَضَ فِيهِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ) لِأَنَّهُ أَجَابَهَا إلَى سُؤَالِهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا نِهَايَةُ مَا يَمْلِكُهُ مِمَّا سَأَلَتْهُ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا لَغْوٌ.
تتمة:
لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طَلَاقِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ وَاحِدَةٍ أَبِينُ بِهَا وَاثْنَتَيْنِ فِي نِكَاحِ آخَرَ فَقَالَ الْقَاضِي الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِي التَّطْلِيقَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي طَلَاقٍ وَمُعَاوَضَةٌ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ قَبْلَهُ فَكَذَا الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ وَيَتَبَيَّنُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِذَا قُلْنَا تُفَرَّقُ فَلَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ إحْدَاهُمَا رَشِيدَةٌ) وَالْأُخْرَى غَيْرُ رَشِيدَةٍ بِأَنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُمَيِّزَة (فَقَالَ) لَهُمَا (أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا قَدْ شِئْنَا لَزِمَ الرَّشِيدَةَ نِصْفُ الْأَلْفِ) عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ يُقَسَّطُ بِقَدْرِ مَهْرَيْهِمَا وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (وَطَلُقَتْ بَائِنًا) لِأَنَّ مَشِيئَتهَا صَحِيحَةٌ وَتَصَرُّفَهَا فِي مَالِهَا صَحِيحٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا بِقِسْطِهَا مِنْ الْأَلْفِ (وَوَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِالْأُخْرَى) غَيْرِ الرَّشِيدَةِ (رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) مِنْ الْأَلْفِ لِأَنَّ لَهَا مَشِيئَةً وَلِذَلِكَ يُرْجَعُ إلَى مَشِيئَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا فِي النِّكَاحِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الْمَشِيئَةِ وَتَصَرُّفَاتُهَا فِي مَالِهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ فَلَمْ يَلْزَمهَا شَيْءٌ فَيَكُونُ رَجْعِيًّا.
(وَقَوْلُهُ) أَيْ زَوْجِ الرَّشِيدَتَيْنِ (لِرَشِيدَتَيْنِ أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا (طَلُقَتْ بِقِسْطِهَا) مِنْ الْأَلْفِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَ اثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ كَالْبَيْعِ (وَإِنْ قَالَتَا قَدْ شِئْنَا طَلُقَتَا بَائِنًا وَلَزِمَهُمَا الْعِوَضُ بَيْنَهُمَا) فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ مَا شِئْتُمَا وَإِنَّمَا قُلْتُمَا ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِكُمَا أَوْ قَالَتَا مَا شِئْنَا بِقُلُوبِنَا لَمْ يُقْبَلْ (وَقَوْلُ امْرَأَتَيْهِ طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بَانَتْ بِقِسْطِهَا مِنْ الْأَلْفِ) فَيُقَسَّطُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَلَوْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ قَالَتْ لَهُ: (طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَرَجْعِيٌّ وَلَا شَيْءَ لَهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ هِيَ السَّائِلَةُ أَوْ ضَرَّتُهَا لِأَنَّ الْأَلْفَ جُعِلَتْ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهِمَا وَبِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَمْ يَحْصُلْ الْمَطْلُوبُ فَلَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا كَمَا لَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ: بِعْنِي عَبْدَيْكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ: بِعْتُكَ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ.
(وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (عَلَى أَلْفٍ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فِي الْمَجْلِسِ بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْأَلْفَ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى عِوَضٍ وَقَدْ الْتَزَمَ فِيهِ الْعِوَضَ فَصَحَّ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِسُؤَالِهَا (وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ) فِي الْمَجْلِسِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ شُرِطَ فِيهِ الْعِوَضُ عَلَى مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ فَلَغَا الشَّرْطَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (وَلَهُ الرُّجُوعُ) عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ (قَبْلَ قَبُولِهَا) أَيْ قَبُولِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا تَبِينُ (وَلَا يَنْقَلِبُ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا بِبَذْلِهَا الْأَلْفَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ عَدَمِ قَبُولِهَا) يَعْنِي بَعْدَ رَدِّهَا كَمَا لَوْ بَذَلَتْهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ: قَبِلْتُ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ بِأَلْفَيْنِ وَقَعَ الثَّلَاثُ) لِصُدُورِهَا مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لَهَا (وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ) فَقَطْ لِالْتِزَامِهَا الْعِوَضَ الَّذِي طَلَّقَهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِسُؤَالِهَا.
(وَإِنْ قَالَتْ) مَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ (قَبِلْتُ بِخَمْسِمِائَةٍ) لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ قَالَ فِي الشَّرْحِ (أَوْ) قَالَتْ (قَبِلْتُ وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ لَمْ يَقَعْ) هَكَذَا فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِانْقِطَاعِ رَجْعَتِهِ عَنْهَا إلَّا بِالْأَلْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ إلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى لُزُومِ الْعِوَضِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ وَقَعَتْ بِهَا وَاحِدَةٌ وَوَقَعَتْ الْأُخْرَى عَلَى قَبُولِهَا) هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُبْدِعِ وَالشَّرْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ الْأَبُ) لِزَوْجِ ابْنَتِهِ (طَلِّقْ ابْنَتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا فَطَلَّقَهَا وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ (وَلَمْ يَبْرَأْ) الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ (وَلَمْ يَرْجِعْ) (الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ) بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ تَبِينُ زَوْجَتُهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ مَهْرِهَا وَيُرْجَعُ بِنَظِيرِهِ عَلَى الْأَبِ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى جَهْلِ الزَّوْجِ إبْرَاءُ الْأَب لَا يَصِحُّ فَيَكُونُ قَدْ غَرَّهُ وَإِلَّا فَخُلْعٌ بِلَا عِوَضٍ يَقَعُ رَجْعِيًّا (لَمْ يَضْمَنْ) الْأَبُ (لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَمْ يُرْجَعْ عَلَى الْأَبِ.
وَ(إنْ قَالَ الزَّوْجُ) لِأَبِي زَوْجَتِهِ (هِيَ طَالِقٌ إنْ أَبْرَأْتَنِي مِنْ صَدَاقِهَا فَقَالَ) أَبُوهَا (قَدْ أَبْرَأْتُكَ لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ مَهْرِهَا وَلَمْ يَبْرَأ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ أَبِيهَا (إلَّا إذَا قَصَدَ الزَّوْجُ مُجَرَّدَ اللَّفْظِ بِالْإِبْرَاءِ) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتَنِي خَمْرًا فَهِيَ طَالِقٌ.
(وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (هِيَ طَالِقٌ إنْ بَرِئْتُ مِنْ صَدَاقِهَا لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الْبَرَاءَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ قَالَ الْأَبُ طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِهَا وَعَلَى الدَّرْكِ فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ بَائِنًا) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى عِوَضٍ وَهُوَ مَا لَزِمَ الْأَبُ مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ وَيَلْزَمُ الْأَبُ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا مِنْ مَالِهَا وَلَا يُرْجَعُ عَلَى ابْنَتِهِ إلَّا إنْ أَذِنَتْ وَكَانَتْ رَشِيدَةً كَالْأَجْنَبِيِّ (وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى صَدَاقِهَا أَوْ بَعْضِهِ أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَلْيُعَاوِدْ) لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ انْتَهَى.

.فَصْلٌ: الزَّوْجَةُ تخالع زوجها فِي مَرَضِ مَوْتِهَا:

(وَإِذَا خَالَعَتْهُ الزَّوْجَةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا) الْمَخُوفِ (صَحَّ) الْخُلْعُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ أَيْضًا مَرِيضًا أَوْ لَا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ (وَلَهُ) مَا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَمَا دُونَ وَإِنْ كَانَ بِزِيَادَةٍ فَلَهُ (الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ أَوْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا تُهْمَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْخُلْعَ إنْ وَقَعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِيرَاثِ تَطَرَّقَتْ إلَيْهِ التُّهْمَةُ مِنْ قَصْدِ إيصَالِهَا إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَتْ أَوْ أَقَرَّتْ، لَهُ وَإِنْ وَقَعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيرَاثِ فَالْبَاقِي هُوَ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ فَتَعَيَّنَ اسْتِحْقَاقُ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا (وَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا ذَلِكَ) الَّذِي خَالَعَتْهُ فِيهِ (فَلَهُ جَمِيعُ مَا خَالَعَهَا بِهِ) كَمَا لَوْ خَالَعَهَا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَرَضِ مَوْتِهَا.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا) مِنْهُ (لَمْ تَسْتَحِقَّ) هِيَ (أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا) فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اُتُّهِمَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ إيصَالَ ذَلِكَ إلَيْهَا كَالْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَّى لَهَا بِمِيرَاثِهَا فَأَقَلَّ صَحَّ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ.
(وَإِنْ خَالَعَهَا) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ (وَحَابَاهَا) بِأَنْ خَالَعَهَا بِدُونِ مَا أَعْطَاهَا أَوْ بِدُونِ مَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ مِنْهَا بِبَذْلِهَا (فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ لَا يُحْتَسَبُ مَا حَابَاهَا بِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَصَحَّ فَلَأَنْ يَصِحَّ بِعِوَضٍ أَوْلَى.
(وَكُلُّ مَنْ صَحَّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْخُلْعِ لِنَفْسِهِ) وَهُوَ الزَّوْجُ الَّذِي يَفْعَلُهُ (صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَوَكَالَتُهُ فِيهِ) كَسَائِرِ الْفُسُوخِ وَالْعُقُودِ (مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَى وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَرَشِيدٍ) وَمُفْلِسٍ وَغَيْرِهِ (فَإِذَا وَكَّلَ الزَّوْجُ فِي خُلْعٍ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ عِوَضٍ صَحَّ التَّوْكِيلُ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْمُسْتَحَبُّ التَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ أَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ وَأَسْهَلُ عَلَى الْوَكِيلِ.
(فَإِنْ خَالَعَهَا) الْوَكِيلُ (بِمَهْرِهَا فَمَا زَادَ صَحَّ) الْخُلْعُ وَلَزِمَ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا (وَإِنْ نَقَصَ) الْوَكِيلُ (مِنْ الْمَهْرِ) مَعَ الْإِطْلَاقِ (رَجَعَ) الْمُوَكِّلُ (عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ وَصَحَّ الْخُلْعُ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ.
(وَلَوْ خَالَعَ وَكِيلُهُ بِلَا مَالٍ كَانَ الْخُلْعُ لَغْوًا) وَلَوْ بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ لَفْظِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُوَكَّلًا فِي الطَّلَاقِ، بَلْ فِي الْخُلْعِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِعِوَضٍ.
(وَإِنْ عَيَّنَّ) الزَّوْجُ (لِلْوَكِيلِ الْعِوَضَ فَنَقَصَ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ) عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي خُلْعِ امْرَأَتِهِ، فَخَلَعَ غَيْرَهَا وَصَحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي قَدْرِ الْعِوَضِ وَهِيَ لَا تُبْطِلُهُ كَحَالَةِ الطَّلَاقِ فَيُرْجَعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ وَصَحَّحَ ابْنُ الْمُنَجَّا هَذَا الْقَوْلَ، لِأَنَّ الْفَرْقَ ثَابِتٌ بَيْنَ الْمُخَالَفَةِ فِي نَفْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُخَالَفَةِ فِي تَعْيِينِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ فَبَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا صَحَّ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ النَّقْصَ.
(وَإِنْ وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ فَبِذَلِكَ) أَيْ فِي مُخَالَعَتهَا مِنْ زَوْجِهَا (فَخَالَعَ) وَكِيلُهَا (بِمَهْرِهَا فَمَا دُونَهُ) إنْ لَمْ تُعَيِّنْ لَهُ مَا يُخَالِعُ بِهِ (أَوْ) خَالَعَ (بِمَا عَيَّنَتْهُ) لَهُ (فَمَا دُونَهُ صَحَّ) الْخُلْعُ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ (وَإِنْ زَادَ) وَكِيلُهَا عَمَّا عَيَّنَتْهُ أَوْ عَنْ مَهْرِهَا (صَحَّ) الْخُلْعُ (وَلَزِمَتْ الْوَكِيلَ الزِّيَادَةُ) لِأَنَّ الزَّوْجَةَ رَضِيَتْ بِدَفْعِ الْعِوَضِ الَّذِي يَمْلِكُ الْخُلْعَ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِالْقَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ التَّقْدِيرِ، وَالزِّيَادَةُ لَازِمَةٌ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّهَا عِوَضٌ بَذَلَهُ فِي الْخُلْعِ فَصَحَّ مِنْهُ وَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا.
(وَإِنْ خَالَفَ وَكِيلُ الزَّوْجِ أَوْ) وَكِيلُ (الزَّوْجَةِ جِنْسًا) بِأَنْ وُكِّلَ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى نَقْدٍ، فَخَالَعَ عَلَى عَرَضٍ أَوْ بِالْعَكْسِ (أَوْ) خَالَفَ (حُلُولًا) بِأَنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُخَالِعَ بِمِائَةٍ حَالَّةٍ فَخَالَعَ عَلَى مِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ (أَوْ) خَالَفَ (نَقْدَ الْبَلَدِ) بِأَنْ وُكِّلَ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى مِائَةٍ فَخَالَعَ عَلَى مِائَةٍ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ) لِلْمُخَالَفَةِ إلَّا وَكِيلُهَا إذَا خَالَفَ حُلُولًا أَوْ وَكِيلُهُ إذَا خَالَفَ تَأْجِيلًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ وَلَوْ كَانَ وَكِيلُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الْخُلْعِ (وَاحِدًا فَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدَ كَالنِّكَاحِ) وَالْبَيْعِ.
(وَإِذَا تَخَالَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (أَوْ تَطَلَّقَا) بِأَنْ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَأَجَابَهَا (تَرَاجَعَا بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ بِالْخُلْعِ وَلَا بِالطَّلَاقِ (وَلَوْ سَكَتَ عَنْهَا) حَالَ الْخُلْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْ نِصْفَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً فَلَهَا الْمُتْعَةُ) لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقٌّ فَلَا يَسْقُطُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا الْخُلْعِ (ك) سَائِرِ (الدُّيُونِ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ عِدَّةِ الْحَامِلِ وَلَا بَقِيَّةُ مَا خُولِعَ بِبَعْضِهِ) كَسَائِرِ الْفُسُوخِ.

.(فَصْلٌ): الإنكارُ في الخُلْعِ:

(وَإِذَا قَالَ خَالَعْتُكِ بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَتْهُ أَوْ قَالَتْ إنَّمَا خَالَعَكَ غَيْرِي بَانَتْ مِنْهُ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِمَا يُوجِبُ بَيْنُونَتَهَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي) نَفْي (الْعِوَضِ) لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا (وَإِنْ قَالَتْ نَعَمْ) خَالَعْتَنِي بِأَلْفٍ (لَكِنْ ضَمِنَهُ غَيْرِي لَزِمَهَا الْأَلْفُ) لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالْخُلْعِ مُدَّعِيَةً عَلَى الْغَيْرِ ضَمَانَ الْعِوَضِ فَلَزِمَهَا الْعِوَضُ لِإِقْرَارِهَا وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا عَلَى الْغَيْرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ نَعَمْ لَكِنْ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِي فَقَالَ فِي ذِمَّتِكِ (وَعِوَضُ الْخُلْعِ حَالٌّ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَا يَتَأَجَّلُ إلَّا بِتَأْجِيلِهِ.
(وَ) عِوَضُ الْخُلْعِ (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) حَمْلًا عَلَى الْعُرْفِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَخَالِعَيْنِ (فِي قَدْرِ الْعِوَضِ) الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (عَيْنِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ هَلْ هُوَ) أَيْ عِوَضُ الْخُلْعِ (وَزْنِيٌّ أَوْ عَدَدِيٌّ فَقَوْلُهُمَا مَعَ يَمِينِهِمَا) لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْخُلْعِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِيهِ كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُنْكِرَةٌ لِلزَّائِدِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا كَسَائِرِ الْمُنْكَرِينَ فَإِنْ قَالَ سَأَلْتِنِي طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَقَالَتْ بَلْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلِّقْنِي وَاحِدَةً بَانَتْ بِإِقْرَارِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي سُقُوطِ الْعِوَضِ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) زَوْجٌ (طَلَاقَهَا) بِصِفَةٍ (أَوْ) عَلَّقَ رَبُّ قِنٍّ (عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ خَالَعَهَا أَوْ أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ أَوْ دُونِهَا وَبَاعَهُ) أَيْ الْقِنَّ (فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا وَمَلَكَهُ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ) وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَوْ الْقِنُّ فِي مِلْكِهِ (طَلُقَتْ) الزَّوْجَةُ (وَعَتَقَ) الْقِنُّ لِأَنَّ عَقْدَ الصِّفَةِ وَوُجُودَهَا وُجِدَ فِي النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ كَمَا لَوْ لَمْ تَتَخَلَّلُهُ بَيْنُونَةٌ وَلَا بَيْعٌ لَا يُقَالُ الصِّفَةُ انْحَلَّتْ بِفِعْلِهَا حَالَ الْبَيْنُونَةِ أَوْ زَوَالِ الْمِلْكِ ضَرُورَةً أَلَّا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ فِي أَنَّهَا إنَّمَا تَنْحَلُّ عَلَى وَجْهٍ يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَلٌّ وَعَقْدٌ وَالْعَقْدُ يَفْتَقِرُ إلَى الْمِلْكِ فَكَذَا الْحَلُّ وَالْحِنْثُ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِهِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ طَلُقَتْ بِذَلِكَ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِشَرْطٍ سَابِقٍ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُق، قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ فِي عَدَدِ الطَّلْقَاتِ وَسُقُوطِ اعْتِبَارِ الْعِدَّةِ (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ إنْ بِنْتِ مِنَى ثُمَّ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَيَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ طَلَاقٍ وَلَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَقَعُ قَالَ فِي الْمُغْنِي هَذَا يُفْعَلُ حِيلَةً عَلَى إبْطَالِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَالْحِيَلُ خِدَاعٌ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ الشَّيْخُ: خُلْعُ الْحِيلَةِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ (كَمَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَقَاءَ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّل وَالْعَقْدُ لَا يُقْصَدُ بِهِ نَقِيضُ مَقْصُودِهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ (لَوْ اعْتَقَدَ الْبَيْنُونَةَ بِذَلِكَ) أَيْ بِخُلْعِ الْحِيلَةِ (ثُمَّ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَكَطَلَاقِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ فَكَمَا لَوْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً أَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ (فَتَبِينُ امْرَأَتُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي آخَرِ بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ خَالَعَ) حِيلَةً (وَفَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُلْعِ) حِيلَةً (مُعْتَقِدًا أَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْخُلْعِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ) لِانْحِلَالِهَا (أَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا زَوَالَ النِّكَاحِ وَلَمْ يَكُنِ) الْأَمْرُ (كَذَلِكَ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْخُلْعِ قِيلَ (فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَبَانَ بِخِلَافِ ظَنِّهِ) فَيَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَغَالِبُ النَّاسِ وَاقِعٌ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْخُلْعِ لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ قُلْتُ وَيُشْبِهُهُ مَنْ يَخْلَعُ الْأُخْتَ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ أُخْتَهَا ثُمَّ يَخْلَعُ الثَّانِيَةَ وَيُعِيدُ الْأَوْلَى وَهَلُمَّ جَرًّا وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ خُلْعُ الْحِيلَةِ لَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُمْ وَالْحِيَلُ كُلُّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ.
(وَلَوْ أَشْهَدَ) إنْسَانٌ (عَلَى نَفْسِهِ ب) وُقُوعِ (طَلَاقٍ ثَلَاثًا) لِيَمِينٍ صَدَرَتْ مِنْهُ (ثُمَّ اسْتَفْتَى) عَنْ يَمِينِهِ (فَأُفْتِيَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ بِمَعْرِفَةِ مُسْتَنِدِهِ) فِي إقْرَارِهِ وَهُوَ الْيَمِينُ السَّابِقَةُ (وَيُقْبَلُ) قَوْلُهُ (بِيَمِينِهِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ذَلِكَ) أَيْ مَا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ الْيَمِين وَاعْتِقَادُهُ الْحِنْثَ عَمَلًا بِدَلَالَةِ الْحَالِ إذَا كَانَ (مِمَّنْ يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ انْتَهَى) كَلَامُ الشَّيْخِ وَيَأْتِي (فِي) بَابِ (صَرِيحِ الطَّلَاقِ).